جبل النور وغار حراء

غار حراء يشكل مكانًا مقدسًا ومهمًا في تاريخ الإسلام، حيث تتجلى فيه بداية الوحي الإلهي للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الحدث الذي أعطى بداية لرسالته النبوية. يمثل هذا المكان قصة التأمل والتفكر التي تسبق البعثة النبوية، وهو يجسد الانفتاح على الروحانية والبحث عن الحق.
غار حراء يروي حكاية البحث عن السلام الداخلي والمعرفة الحقيقية، وهو مكان يحمل الكثير من الدروس والعبر للمسلمين حتى اليوم. تاريخياً، يشكل غار حراء مكانًا للعبادة والتأمل، ويمثل رمزاً للإيمان والصبر والتفاني.
يحظى غار حراء بزيارة العديد من الزوار والحجاج الذين يسعون إلى مكة المكرمة، حيث يجدون في هذا المكان الروحانية والقرب من الله، ويتذكرون قصة البداية العظيمة للدعوة الإسلامية وتأملات النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الفج الصغير والمتواضع.
أول آيات القرآن الكريم نزولًا كانت فيه مبتدئةً الوحي بآية: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ١﴾ [العلق:1] من سورة العلق.
مكة المكرمة، بلدة الله المقدسة، تتجلى فيها أروع معاني التقوى والتواضع، وتمتزج في أرجائها أصداء صلوات وتسابيح الملايين من المسلمين حول العالم. فهي ليست مجرد مدينة، بل هي قلب الدين الإسلامي، ومركز للروحانية والديانة.
قصة مكة المكرمة تعود إلى العمق الديني والتاريخي، حيث شهدت ولادة الإسلام ونشوء أولى قطبياته. بنيت المكة بتوجيه من الله للنبي إبراهيم وابنه إسماعيل، وكرمها الله في كتابه بأسماء متعددة، منها "مكة" و"بكة" و"البلد الآمن" و"أم القرى"، مما يبرز مكانتها الخاصة في عيون المسلمين.
في أراضي مكة المكرمة، تجسدت عظمة الإسلام من خلال نزول الوحي الإلهي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكانت بداية نشر رسالته الإلهية. وفي هذه الأرض الطاهرة، شهدت الجهاد الأول للمسلمين ضد الشرك والضلال وعبادة الأصنام، وكانت شاهدة على نصر الإسلام وانتصاره.
تشكل مكة المكرمة المقصد الأساسي للحجاج والمعتمرين، حيث يتجهون إليها من جميع أنحاء العالم لأداء الفريضة الدينية. وبفضل شعائرها الدينية الرائعة، تظل مكة مكانًا مقدسًا ومهبط الوحي الإلهي، متجذرة في قلوب الملايين من المسلمين حول العالم.
تتواجد مكة المكرمة في موقع جغرافي يشكل تحديًا، حيث تقع عند تقاطع درجتي العرض 25/21 شمالًا والطول 49/39 شرقًا، في منطقة تتميز بتضاريسها الوعرة والجبال الشاهقة. يتميز الموقع بصلابة الصخور الجرانيتية التي تغطي الأرض، ويرتفع ارتفاع المنطقة عن سطح البحر إلى أكثر من 300 متر.
وتحتضن مكة وادي إبراهيم الخليل، الذي يُحاط بسلسلة من الجبال من الجهات الشرقية والغربية والجنوبية. تتكون السلسلة الشمالية من جبال الفلق وقعيقعان، بينما تتكون السلسلة الجنوبية من جبال أبي حديدة وكدى وأبي قبيس وخندمة.
تمتلك مكة المكرمة ثلاث مداخل رئيسية هي المعلاة المعروفة أيضًا باسم الحجون، والمسفلة، والشبيكة. وتُعتبر المعلاة كل ما يرتفع عن مستوى أرض المسجد الحرام، في حين تعتبر المسفلة كل ما يكون دونه.
ترتفع مكة المكرمة عن سطح البحر حوالي 330 مترًا، وتمتد مساحتها لأكثر من 4800 هكتار. يتجاوز عدد سكانها الـ 600,000 نسمة، ويزيد هذا العدد بشكل كبير خلال فترات المواسم الدينية، خاصة في موسم الحج.
تحظى مكة المكرمة بشبكة متطورة من الطرق والأنفاق، تربط بين مختلف مناطقها وتصلها بالمسجد الحرام في قلب المدينة. كما توفر خدمات صحية متقدمة وشبكة هاتفية متصلة بجميع أنحاء العالم، إضافة إلى كافة الخدمات الحضارية التي تعمل على تسهيل تجربة الزوار خلال فترات المواسم الدينية.
تقع مكة المكرمة على خط عرض 21° 52' 12" شمالًا، وخط طول 46° 49' 39" شرقًا. تتألف منطقة مكة المكرمة بشكل عام من تشكيلات الدرع العربي، حيث تسيطر الصخور القديمة على المنطقة بشكل رئيسي، وتتشكل معظم جبالها من هذه الصخور.
تُغطي الأودية في مكة المكرمة ترسبات من الحصى والرمل، وتتبع تكويناتها حركات الصدوع والانكسارات التي شهدتها المنطقة خلال العصور الجيولوجية القديمة.
تتميز مكة المكرمة بتضاريسها المتنوعة، حيث تتناثر التلال والجبال، وقد تم تطوير بعض مناطق السفوح لتصبح مناطق عمرانية لسكان المدينة.
يتراوح ارتفاع مكة المكرمة بين 250 و350 مترًا فوق سطح البحر من الغرب إلى الشرق، بما في ذلك المشاعر المقدسة.
يمكن تقسيم تضاريس مكة المكرمة إلى ثلاثة أقسام من الشمال إلى الجنوب:
القسم الغربي: ويتراوح ارتفاعه بين 200 و250 مترًا، وترتفع بعض قمم الجبال فيه إلى 400 مترًا فوق سطح البحر.
القسم الأوسط: ويتراوح ارتفاعه فوق 300 متر، ويتميز بجبال تاريخية مثل جبل خندمة وجبل أبي قبيس وجبل ثور وجبل قعيقعان.
القسم الشرقي: ويتميز بارتفاع يزيد عن 400 مترًا فوق سطح البحر، ويضم قممًا جبلية تتجاوز ارتفاعها 800 متر، مثل جبل الطارقي الذي يعتبر أعلى قمة في جبال مكة المكرمة والمشاعر المقدسة بارتفاع يصل إلى 900 متر.
مكة المكرمة تُعتبر من بين المناطق التي تسجل أعلى معدلات درجات الحرارة العظمى بين محطات شبكات الأرصاد، حيث يُعتبر معدل درجات الحرارة السنوي فيها من بين أعلى المعدلات في العالم. يتجاوز متوسط درجات الحرارة السنوية في مكة المكرمة 29.9 درجة مئوية، مما يجعلها تتميز بالحرارة الشديدة خلال فصل الصيف والدفء خلال فصل الشتاء.
يُرجع ارتفاع درجات الحرارة في مكة المكرمة إلى بُعدها عن المسطحات المائية الكبيرة، وإلى الوقوع في منطقة جبلية تقع بين السلسلة الجبلية والسهل الساحلي للبحر الأحمر، مما يسبب بطءًا في حركة الهواء ويزيد من الاحترار الجوي.
تتجاوز درجات الحرارة في فصل الصيف في مكة المكرمة 48 درجة مئوية، بينما تنخفض إلى حوالي 18 درجة مئوية في فصل الشتاء. كما يُسجل معدل سنوي للأمطار نادرًا ما تكون وفيرة، حيث تكون غالبًا ناتجة عن الرياح الموسمية الشمالية الغربية أو الجنوبية الغربية الممطرة. وعلى الرغم من ندرة الأمطار، إلا أن بعض الفترات تشهد هطول أمطار غزيرة قد تسبب كوارث طبيعية في المنطقة.
ترتبط نسبة الرطوبة في مكة المكرمة ارتباطًا عكسيًا بدرجات الحرارة، وتُعتبر الرطوبة معدل منخفض نتيجة الطبيعة الصحراوية الجافة للمنطقة، حيث يُسجل متوسط رطوبة يبلغ 32% وأعلى نسبة رطوبة سُجلت هي 57%.